تخطى إلى المحتوى
جويلية 29, 2011 / najwa

أيادي المخابرات االسورية تطال اللبنانيين في لبنان

أولاً تعليق على التدوينة السابقة عن الوقفة التضامنية مع من يُحاكم بتهمة التظاهر : لقد تم تأجيل المحاكمة.

للبنان مكانة خاصة عند العرب, و بشكل خاص عند السوريين. جيل آبائنا وأجدادنا مازال يذكر عندما كادا البلدان أن يكونا بلداً واحد بعد الاستقلال. بالاضافة لصلات القِربى الكثيرة بين السوريين و اللبنانيين, فاننا كلنا نذهب بين الآونة و الأخرى الى لبنان, أحياناً اً للعلاج, أو للدراسة أو التسوق و السياحة. كلنا نشأ على محبة لبنان و لبنانيين مثل فيروز, الاخوان الرحباني, مارسيل خليفة, و نفخر بأعمال مفكرين مثل جبران خليل جبران, مي زيادة, الياس خوري و غيرهم.

و منا الكثيرين من يذهب الى لبنان هرباً من الاختناق الاجتماعي و الفكري و السياسي في بلادنا, لأن لبنان بلداً أكثر انفتاحاً,و يستقبل الجميع بتنوع اتجهاتهم و يُعتبر منارة حرية مقارنةً ببلادنا ذات الرئيس الواحد الى الأبد.

عندما دخلت القوات السورية الى لبنان, لتبقى فيه, تغير الكثير في لبنان و دفع الكثير من السوريين ثمناً باهظاً لاعتراضهم على ذلك. عندما بلغ السيل الزبد و خرج ملايين اللبنانيين مطالبين بانهاء الوصاية السورية بعد مقتل الحريري, قلق الكثير من السوريين على العلاقات بين الشعبين, و بالفعل حدثت بعض الأحداث المؤسفة لعمال سوريين في لبنان. لكن مع الزمن عادت العلاقات لمجراها, لكن لبنان لم يعد لما كان عليه قبل دخول القوات السورية. تفاجئ اللبنانيين في كثير من المرات لمدى النفوذ السوري و تجذرسرطان المخابرات السورية بالرغم من رحيل قوات الجيش.

الآن مع ما يحصل في سوريا,رأينا كيف سلمت القوات اللبنانية جنود سوريين فارين رفضوا قتل مدنيين عزل, الى السلطة السورية ليواجهوا مصيراً رهيباً. رأينا كيف تم خطف السياسي السوري المخضرم شبلي العيسمي (87 عاماً!) من لبنان بدورية للأمن اللبناني , لتسليمه الى السلطة في دمشق و أقبية المخابرات اللتي لا ترحم لا مسناً و لا طفلاً.

الآن تم أيضاً اعتقال الحقوقي اللبناني سعد الدين شاتيلا, بتهمة التعرض للعلاقات اللبنانية السورية ,لأنه يعمل في منظمة تهتم باللاجئين السوريين.

أمرٌ مؤسف أن يتلوث حتى لبنان العزيز بتصرفات عصابة المخابرات السورية ذات الأيادي الطويلة. و هو أيضاً له دلائل في غاية الأهمية لنا كسوريين و لمصير الانتفاضة السورية: لقد حصلت ثورة مليونية عارمة في لبنان, و ساندها المجتمع الدولي و قوى عظمى كفرنسا و السعودية و أمريكا و أوروبا. و خرج الجيش فعلاً. لكن المشكلة هي أن المخابرات السرطانية المتخفية باللباس المدني, استئصالها أصعب, و هناك دلائل كثيرة على أنها مازالت تمرح و تسرح في لبنان. كما أن بعض أصحاب المناصب القوية اللبنانية الفاسدين المتحالفين مع السلطة السورية, بقوا في مناصبهم بعد خروج القوات السورية, لم يُحاسبوا على تجاوزاتهم. بل يستمرون فيها حتى الآن.

يبقى السؤال المهم لماذا لم يتغير الكثيرفي لبنان؟

السبب هو عدم وجود حراك شعبي, و عدم تنظيم هكذا حراك في حركات مدنية و سياسية و شعبية , لمحاسبة و معاقبة المتورطين و المجرمين و تطهير المناصب منهم كما مواصلة مراقبة المسؤولين الجدد. عدم وجود هكذا حراك و نشاط في سوريا هو نفس السبب اللذي سمح للسلطة السورية  باقتراف كل التجوزات و الظلم فيها عبر عقود.

يجب أن ندرس جيداً كيف أن حتى لبنان بالرغم من ثورة مليونية ساندها العالم, لم يستطع بعد الخلاص من سرطان المخابرات السورية و العلاقات الفاسدة المتشابكة, ولذلك يجب أن نفهم مدى الكفاح الطويل و الاصرار اللازم لأي تغيير حقيقي في سوريا, سوريا اللتي يغطي على نظامها أنظمة شمولية أخرى كروسيا و الصين و لم تصل المظاهرات فيها للزخم المطلوب في دمشق و حلب.

علينا أن نفهم أنه اما أن يكون هناك حراك جدي قوي و يتم تنظيمه جيداً في حركات و منظمات و تجمعات, لأجل تغيير حقيقي جذري يطال الجيش السوري و المناصب فيه و يطال المخابرات و حجمها و مهامها, و تغيير طريقة ادارة البلاد كلياً و موازين القوى كي نصبح دولة ديمقراطية مدنية ببرلمان قوي حقيقي مهيب, أو لن يتغير الكثير في سوريا. لأن مجرد اسقاط بعض الرؤوس, لن يغير البلد, في النهاية. وأكثر  ما يخيفني هو ثورة ناقصة لا تغير البلد جدياً, لأنني رأيت بعض سكان بلاد حصل لهذا ذلك, و المصيبة هي أن الناس عندئذٍ تفقد الأمل, تقول لا فائدة منا ها قد جربنا و رأينا. لم تعد حتى تفكر بالمحاولة, و عندما لا تحاول, بالتأكيد لن يتغير شيئاً.  نحن الآن على الأقل في مرحلة  نعيش على الأمل أنه لا بد أن ينقشع الليل, و أخطر شيء, هو فقدان الأمل في المستقبل.

و كان الله بعون السوري شبلي العيسي و اللبناني سعد الدين شاتيلا و كل معتقلي الرأي في أقبية المخابرات السورية الى ذلك الحين

Add to FacebookAdd to DiggAdd to Del.icio.usAdd to StumbleuponAdd to RedditAdd to BlinklistAdd to TwitterAdd to TechnoratiAdd to Yahoo BuzzAdd to Newsvine

أضف تعليق